المنظمات المستقلة اللامركزية يجب أن تُحيِّد الحيتان وغيرهم إذا أرادت تطبيق حوكمةٍ أفضل

  • أخبار

  • I
  • I

أحدثت المنظمات المستقلة اللامركزية DAOs نقلةً نوعية واضحة في حوكمة البلوكتشين على مدار السنوات القليلة الماضية. إذ تحدّت التسلسل الهرمي والسلطة المركزية الحاضرة بقوة في المنظمات الحديثة، خاصةً على صعيد الأعمال التجارية، وذلك بفضل اتخاذها القرارات جماعياً والتزامها بالقواعد الثابتة. 

وتتمتع المنظمات المستقلة اللامركزية بكثير من القواسم المشتركة مع الديمقراطيات، حيث يستطيع الفرد الذي يستحوذ على كمية من التوكنات الخاصة بمنظمة مستقلة لا مركزية أن يستخدم تلك التوكنات كأصوات أثناء الاقتراع على مقترحات الحوكمة. وبمجرد اختتام عملية التصويت، يجري تنفيذ النتيجة النهائية بصورةٍ مستقلة من خلال العقود الذكية.

العملات الرقمية: بين سحر الأرباح وخُطر الاحتيال

مشروع العملة الرقمية القطرية : خطوة استراتيجية نحو تعزيز كفاءة القطاع المالي

‏ Mal.io تطلق المرحلة الثانية من برنامج Airdrop

المغرب يتجه نحو تبني "الدرهم الإلكتروني لتعزيز التحول الرقمي المالي

‏منصة Mal.io العربية تطلق عملتها الرقمية "Mal" وتعلن عن عملية Airdrop سخية

هبوط مفاجئ في ثقة المستهلك الأمريكي يهزّ الأسواق

"Web3: مستقبل واعد للشباب العرب وفرص لا حصر لها"

‏Mal.io تُرسّخ مفهوم التداول الآمن والمُجزٍ للعملات الرقمية عبر الـ "Spot"

أما في الديمقراطيات الفعلية، فينتخب المواطنون ممثلين عنهم من أجل تشريع القوانين وحوكمة المجتمع، كما تُعقد انتخابات دورية بمساعدة نظامٍ قضائي مستقل لضمان أمانة القادة المنتخبين في تأدية عملهم من أجل الصالح العام، بحسب موقع Cointelegraph الأمريكي. 

لكن المنظمات المستقلة اللامركزية تفشل في تطبيق هذه النوعية من أنظمة الضوابط والموازين، ولا سيما المنظمات التي تعمل ككيانات تجارية أيضاً. حيث تحتفظ العديد منها بسيطرة المركزية أو الأقلية على المنظمة، أو تُقيّد نطاق القرارات التي يمكن لأعضاء المجتمع المشاركة فيها، أو تعاني من ممارسات التصويت غير المدروسة وغير المنظمة.

مشكلات المنظمات المستقلة اللامركزية تبدأ مشكلات المنظمات المستقلة اللامركزية مع حقيقة أن حيازة التوكنات تعتبر ضروريةً للمشاركة في إجراءات التصويت داخل المنظمة، مما يعني أن الأفراد الأكثر ثراءً ستكون لديهم القدرة على شراء مزيد من التوكنات، مما يمنحهم سلطة فرض تأثيرٍ أكبر على نتائج التصويت. ولا شك في أن منح حقوق التصويت بهذه الطريقة الانتقائية، بناءً على حيازة المرء من التوكنات، يمكن أن يؤدي إلى نتائج تصويت متحيزة قد لا تفيد المجتمع بأكمله.

وربما ينضم بعض أوائل المستخدمين إلى المنظمة من أجل المصالح المشتركة والأهداف بعيدة المدى، لكن لا مفر من انضمام بعض المستثمرين الذين يشاركون من أجل تحقيق الأرباح فقط دون أن يعنيهم مستقبل المشروع أو استدامته. 

ويمكن القول إن الأهمية الجوهرية التي تتمتع بها توكنات الحوكمة القابلة للتداول في عمليات المنظمات المستقلة اللامركزية ربما تخلق مشكلة، حيث إن من الصعب التوفيق بين الحوافز المالية ومصالح المجتمع بطريقةٍ تُعظِّم احتمالات نمو المشروع على مدار فترات زمنية أطول.

علاوةً على أنّ ضخامة المجتمع يمكن أن تؤثر سلباً على عملية صنع القرار، حيث يتحول التصويت عادةً إلى عملية تستهلك الموارد والوقت بكثافة. بينما يمكن للقرارات السريعة أن تحمي أموال المستخدمين أحياناً في أثناء حالات الطوارئ أو الأزمات. 

فيما تؤدي محاولة تحقيق الإجماع عبر التصويت المجتمعي إلى تأخير عملية اتخاذ القرار. وكثيراً ما نجد أن قطاعات كبيرة من المجتمع ليست على علمٍ بآخر المستجدات، مما قد يتسبب في سلوكيات تصويت خاطئة.

ومن ناحيةٍ أخرى، ربما يستفيد مؤسسو المشروع وفريقه الأساسي من قدرتهم على التصرف بسرعةٍ وحرية في بعض الحالات، مثل منع الاختراقات والاحتيال. لكن المؤسسين والفرق الأساسية يستطيعون فرض سيطرةٍ مطلقة وغير عادلة على المجتمع في كثيرٍ من الأحيان. 

ونذكر هنا على سبيل المثال مقترح مؤسس بروتوكول فاي Fei Protocol بقطع الاتصال مع منظمة ترايب Tribe DAO المستقلة اللامركزية، بعد قيام مجتمع المنظمة بالتصويت من أجل رد خسائر اختراق منصة راري كابيتال Rari Capital الذي حدث في أبريل/نيسان (وشهد سرقة 80 مليون دولار).

وربما تعاني المنظمات المستقلة اللامركزية من المشكلات السابقة، لكن وضع نظام ضوابط وموازين تمثيلي يمكنه حل المشكلة.

الحلول البديلة لا توجد المنظمات المستقلة اللامركزية في فضاءٍ بعيد عن الفوارق الاجتماعية والاقتصادية التي تسود عالمنا. وبالتالي سيظل بإمكان فئة صغيرة أن يكون لها رأيٌ أكبر في بعض الأمور. وتُعلِّمنا الديمقراطيات أن الممثلين المنتخبين يحكمون ويتدخلون في أوقات الأزمات، لكن المواطنين يتسطيعون انتخابهم أو الإطاحة بهم. 

وبهذا لا يتعارض التسلسل الهرمي مع الديمقراطية. بل العكس، تستطيع التسلسلات الهرمية التي تتمتع بضمانات كافية أن تُكمِّل الحوكمة الديمقراطية.

ويتمتع نظام حوكمة المنظمات المستقلة اللامركزية القائم على الطبقات بالعديد من المزايا. وأولها أنه يحافظ على ضبط قدرات صنع القرار بين الأطراف المعنية. وإذا شعر أحد الكيانات بأن الآخر ليس أميناً، فبإمكانه أن يسحب حقوق الحوكمة ويلغيها. وتستطيع السلطة القضائية إسقاط قانونٍ غير عادل أصدرته الجهات التشريعية، كما هو الحال مع المنظمات المستقلة اللامركزية التي تستطيع فعل الشيء نفسه، مما يعني أن الضوابط والموازين ستُعزز القيم الديمقراطية وهياكل الحوكمة.

وثانياً، تتمتع المنظمات المستقلة اللامركزية ذات الطبقات بشفافيةٍ أكبر، لأن مجتمع المشروع يعرف بالفعل حجم سلطات الحوكمة الإضافية التي يحظى بها الفريق الأساسي للمشروع. ويتألف هذا الفريق عادةً من الرئيس التنفيذي للشركة، والمطورين، ومهندس المشروع، ومسؤول الأمن، والمدير المالي، والمدير الإبداعي، وغيرهم. ويضمن فريق المشروع أن تتخذ الشركة القرارات المناسبة خلال سنوات التكوين، وأن تستجيب بسرعة للمواقف الطارئة.

ويصبح اتخاذ القرارات الاستراتيجية أكثر مرونة وسرعة بمساعدة الفرق الأساسية. علاوةً على أن الفريق يتولى في المعتاد مسؤولية إنفاق إيرادات الخزانة بالصورة المناسبة من أجل تطوير المشروع مستقبلاً. كما يرفع الفريق الأساسي تقاريره إلى مجموعة وسيطة داخل المنظمة المستقلة اللامركزية، لضمان عدم تحول الفريق الأساسي إلى مجموعةٍ غير أمينة ومفرطة النفوذ بشكلٍ واضح. ويستطيع مجتمع المشروع الكبير أن ينتخب ممثليه في المجموعة الوسيطة، حتى يتكفلوا بحماية مصالح المجتمع.

كيفية تحقيق التوازن يمتلك المجتمع سر تحقيق اللامركزية الكاملة بين يديه، لأنه المسؤول عن تقديم مقترحات ترقية البروتوكول، ثم التصويت عليها جماعياً. وسنجد في الوقت ذاته أن هياكل الحوكمة ذات التسلسل الهرمي تساعد الشركات الناشئة على اتخاذ قرارات سريعة ومدروسة حول المسائل التشغيلية المهمة. ويجب ألا تتعامل المنظمات المستقلة اللامركزية بنهج “الأبيض أو الأسود”، فتمنح الأولوية إما للمجتمع وإما لكيانات المنظمة الطبقية. بل يجب أن يُنسِّق المجتمع والكيانات الهرمية عملية صنع القرار والحوكمة معاً.

وليست المنظمات المستقلة اللامركزية الناجحة بحاجةٍ للاختيار بين المجتمع والفريق الأساسي، بل تحافظ على التوازن بينهما.

يمكنك مشاركة العمل على