أسواق العملات المشفرة أصبحت مهيأة لانتقال العدوى المدفوعة بمشاعر الخوف والأمل

  • أخبار

  • I
  • I

يُعَدُّ انتقال العدوى المالية أمراً بالغ السهولة في حال توافرت الشروط المناسبة. إذ تسقط مؤسسة مالية واحدة في البداية، ثم تتبعها عدة مؤسسات، كما تتساقط قطع الدومينو.

ويرى الكثيرون أن الشرارة التي أطلقت الأزمة المالية العالمية في عام 2007 كانت ما حدث في 14 مارس/آذار من ذلك العام، وذلك خلال جلسة الإحاطة الخاصة بالمسؤولين التنفيذيين في مصرف Lehman Brothers الاستثماري.

"Web3: مستقبل واعد للشباب العرب وفرص لا حصر لها"

‏Mal.io تُرسّخ مفهوم التداول الآمن والمُجزٍ للعملات الرقمية عبر الـ "Spot"

انخفاض أسهم شركات التعدين مع اقتراب حدث تخفيض قيمة البيتكوين إلى النصف

تقلبات حادة في سوق العملات الرقمية: بين التحليل الفني و التحليل الاساسي

‏Worldcoin يثير جدلاً واسعًا لجمعه بيانات قزحية العين مقابل العملة المشفرة

توجه صيني لزيادة الاستثمار في البيتكوين

بيع الولايات المتحدة للبيتكوين يثير قلق المستثمرين

العملات المشفرة تحقق ارتفاعًا هائلاً في الربع الأول من عام 2024

وأدت تلك الأنباء إلى انهيار سعر سهم المصرف وأفقدت المستثمرين ثقتهم في كامل البناء الاقتصادي المعقد للصفقات المالية، التي كانت شديدة الربحية بالنسبة للمصارف والوسطاء.

ومع انهيار أسعار الأسهم، سارع المزيد من المستثمرين لبيع أسهمهم، دافعين بالأسعار إلى الهبوط أكثر. ثم انتشرت العدوى في أسواق الأسهم، والعقارات، والمشتقات حول العالم.

ولا شك أن تلك الأزمة كانت نهايةً حتمية. إذ استغرق الأمر سنوات لإنشاء ذلك النظام المتهالك الذي انهار تحت الضغط. وكان الانهيار سيحدث إن عاجلاً أم آجلاً، لكنه كان بحاجةٍ إلى محفز فقط.

وتعيش أسواق العملات المشفرة مرحلةً مشابهة في الوقت الراهن، بحسب موقع The Conversation الأسترالي.

الانهيارات الكبرى في عام 2022 شهد العام الجاري انهيار عدة شركات كبرى مرتبطة بالأصول المشفرة.

إذ تعرضت عملة دولار تيرا (UST) المستقرة للانهيار في مايو/أيار، بعد أن كانت من أشهر العملات المستقرة برأس مالٍ سوقي بلغ 31 مليار دولار في أبريل/نيسان.

ثم أعلنت منصة الإقراض المشفر سيلزيوس Celsius إفلاسها في يوليو/تموز، بعد أن بلغت قيمة أصولها 12 مليار دولار في مايو/أيار.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، انهارت منصة إف تي إكس FTX التي كانت من أكبر منصات التداول المشفر في العالم بقيمة بلغت 32 مليار دولار في مطلع العام، لتضيع معها أصول 1.2 مليون مستخدم.

مخاوف بينانس Binance أصاب الهلع أصحاب العمات المشفرة الذين وقفوا في انتظار انهيار المنصة التالية.

وبدا خلال الأسبوع الماضي أن العدوى ستصيب أكبر منصة لتداول العملات المشفرة في العالم، منصة بينانس، بعد أن سحب العملاء أصولاً بقيمة 1.9 مليار دولار في غضون 24 ساعة فقط.

ويمثل ذلك الرقم 3.5% فقط من إجمالي الأصول الموجودة في حيازة بينانس، والتي أبلغت المنصة في 18 ديسمبر/كانون الأول أن حجمها يبلغ 55 مليار دولار. وأوضحت المنصة أن وتيرة عمليات السحب قد استقرت الآن.

لكن الذعر كان حقيقياً في الواقع. ويرجع سبب الهلع إلى تفسير بعض كبار المودعين لتعطيل تداول إحدى العملات في المنصة على أنه مؤشرٍ لما هو أخطر.

منصات التداول المركزية في خطر دائماً ما توجد مشكلة كامنة هي المسؤولة عن توفير الوقود اللازم لإشعال الرماد، وذلك في أي أزمة سوقية.

وتكمن المشكلة هنا في أن بينانس، وغيرها من منصات التداول المركزية، تُعَدُّ أخطر من الطرق الأخرى لتخزين الأصول المشفرة.

وهناك أسباب منطقية دفعت ملاك العملات المشفرة لسحب أصولهم من منصات التداول المركزية، بعد رؤية ما حدث لمنصة إف تي إكس.

ويُمكن القول إن الدرس المستفاد من انهيار إف تي إكس هو أن على المرء الاحتفاظ بحيازة أصوله المشفرة ذاتياً، حتى تصبح خاضعةً لسيطرته فعلياً.

إذ إن منصات التداول المركزية تُشبه المصارف أكثر من منصات التداول. حيث تؤدي مهمة أمين الحفظ وتحتفظ بحيازة عملات العملاء المشفرة أو النقدية، كما يحدث عندما تحتفظ بأموالك في حسابٍ مصرفي بالضبط.

لكن المصارف منظمة ومقننة، من أجل تقليل المخاطر المدمرة لحالات “التزاحم على المصارف” التي كانت تحدث بانتظامٍ في الماضي.

ويشمل ذلك التقنين إطاراً تنظيمياً عالمياً يُعرف باسم إرشادات بازل الاحترازية، التي طُبِّقت عام 1988 حتى تضمن احتفاظ كل مصرف بما يكفي من السيولة ورأس المال لتغطية عمليات السحب. كما ألزمت تلك الإرشادات المصارف بالإبلاغ عن بياناتها المالية بصفةٍ دورية.

ونتعامل مع كل هذه الأمور باعتبارها من المسلمات، لكنها لم تظهر من العدم. بل هي نتاج تخطيطٍ حذر ومبني على الحد الأدنى للسيولة واشتراطات رأس المال الصارمة، التي تفرضها جهات التنظيم المصرفي.

احتواء الأزمة المقبلة تخضع المصارف لرقابةٍ مكثفة، لأنها تحتفظ بغالبية الأموال الموجودة في الاقتصاد. ويجب أن يظل الناس قادرين على تخزين أموالهم بأمان وسلامة، مع القدرة على الوصول إليها عند الحاجة، حتى يتمكن الاقتصاد من العمل.

وتحتاج العملات المشفرة للقدر نفسه من الرقابة.

ويُمكن القول إن جميع منصات التداول المركزية ستصبح في خطر إذا تجاوزت عمليات سحب العملاء إجمالي أصولها السائلة. وإذا عجزت المنصة عن تغطية عمليات السحب، فستضطر لتجميد حسابات العملاء، وعندها ستُصبح النهاية قريبة. هذا هو ما حدث مع منصة إف تي إكس، لكن الشخص المسؤول عن غالبية عمليات السحب الإشكالية كان مؤسس المنصة سام بانكمان-فرايد نفسه.

ومن المؤكد أن انهيار شركة التشفير الكبرى التالية لم يعد مرهوناً بالاحتمالات، بل أصبح مسألة وقت. كما سيعتمد ذلك على ما إذا كانت الحكومة تستطيع العمل بسرعةٍ كافية لبناء الحواجز التنظيمية اللازمة حتى تمنع تحوّل الانهيار إلى عدوى.

وربما يكون من المستحيل تجنب الأزمة، لكن لا يزال بالإمكان احتواء الوضع.

يمكنك مشاركة العمل على