التكلفة البيئية للعملات المشفرة.. وكيف تصبح أقل ضرراً؟

  • أخبار

  • I
  • I

تعرّضت العملات المشفرة لتدقيقٍ مكثف في أعقاب انهيار منصة إف تي إكس FTX، التي كان حجمها يبلغ 32 مليار دولار. لكن العديد من الناس لا يُدركون أن العملات المشفرة لها تكلفةٌ بيئية باهظة في الواقع. 

وإليكم ما تحتاجون لمعرفته، طبقاً لمجلة The Week البريطانية:

العملات الرقمية: بين سحر الأرباح وخُطر الاحتيال

مشروع العملة الرقمية القطرية : خطوة استراتيجية نحو تعزيز كفاءة القطاع المالي

‏ Mal.io تطلق المرحلة الثانية من برنامج Airdrop

المغرب يتجه نحو تبني "الدرهم الإلكتروني لتعزيز التحول الرقمي المالي

‏منصة Mal.io العربية تطلق عملتها الرقمية "Mal" وتعلن عن عملية Airdrop سخية

هبوط مفاجئ في ثقة المستهلك الأمريكي يهزّ الأسواق

"Web3: مستقبل واعد للشباب العرب وفرص لا حصر لها"

‏Mal.io تُرسّخ مفهوم التداول الآمن والمُجزٍ للعملات الرقمية عبر الـ "Spot"

ما هي العملات المشفرة؟ هي عملات رقمية قائمة على تقنية البلوكتشين، ولا تخضع لرقابة سلطةٍ مركزية. وتوجد أكثر من 9,000 عملة مشفرة حالياً، وأكبرها البيتكوين (BTC) والإيثريوم (ETH). ولا يراقب أحدٌ تلك العملات، لأنها لا مركزية، بعكس العملات العادية.

ومن الممكن استخدام العملات الرقمية في عمليات الشراء، لكن غالبية الناس يستثمرون في العملات المشفرة بحسب مجلة Forbes الأمريكية. ويجري التحقق من معاملات العملات المشفرة باستخدام نظامٍ مُشفّر، ثم تسجيلها على سجلٍّ عام يُدعى البلوكتشين. ويأتي إنتاج وحدات العملة المشفرة الجديدة من خلال عملية يُطلق عليها اسم التعدين، حيث تؤدي الحواسيب تحليلات رياضية معقدة لإنتاج العملة المشفرة.

ويُمكن القول إن عملية تعدين العملات المشفرة، وتسجيل وتخزين المعاملات على البلوكتشين، تفرض ضغوطات كبيرة على البيئة.

ما هي تقنية سلسلة الكتل (البلوكتشين)؟ هي قاعدة بيانات آمنة ومشتركة بين عقد الحواسيب التي تخزن المعلومات إلكترونياً. حيث يجري تخزين المعلومات في مجموعات يُطلق عليها اسم الكتل (البلوكات)، لكن تلك المجموعات لها سعة قصوى. وبمجرد بلوغ السعة القصوى للكتلة، تبدأ عملية إغلاقها وربطها بالكتلة السابقة لها من أجل تكوين سلسلة طويلة. ويسمح هذا النظام للبلوكتشين أن تصبح أشبه بجدولٍ زمني للمعاملات، ويصبح بإمكان أي شخص عرضها.

ويجب أن تمر المعاملات بأي من آليات التحقق من أجل إضافتها إلى البلوكتشين، وأهمها آلية إثبات العمل وآلية إثبات الحصة.

وتعتبر آلية إثبات العمل هي المسؤولة الرئيسية عن الأضرار البيئية. إذ تعتمد هذه الآلية على عملية التعدين، التي يعمل بموجبها الحاسوب على حل لغزٍ رياضي مقابل الحصول على عملة كمكافأة، ثم تسجيل تلك العملة على البلوكتشين. ويستخدم الكثير من المعدنين أجهزة التعدين المعدلة (ASIC)، التي هي عبارة عن حواسيب قوية مصممة لتعدين عملةٍ بعينها، بحسب موقع Business Insider الأمريكي. وتزيد المنافسة مع زيادة أعداد المعدنين بهذه الأجهزة. حيث أوضح جونيور ثيومو، مؤسس Miners DeFi، للموقع الأمريكي: “تزيد صعوبة التعدين مع زيادة الأجهزة الموجودة في السوق. أي إننا نشهد منافسة قائمة مع زيادة الأجهزة التي تُعدِّن العملات وتتنافس في ما بينها”. وتحتاج عملية التحقق لقوة معالجة مكثفة.

بينما تُعَدُّ آلية إثبات الحصة من الطرق الأحدث التي لا تستخدم القدر نفسه من قوة المعالجة. حيث تعتمد على إيداع حصة بمبلغ معين من العملة المشفرة، حتى يستطيع المحاصص أن يتحقق من المعاملات. وتستطيع التحقق من معاملات أكثر كلما زادت حصتك. وشرح بوشي أوكورو، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي في كويداكس، لمجلة Forbes قائلاً: “تشبه هذه الآلية الضمانات المصرفية”. وتعتبر هذه الطريقة أسرع بكثير، ولا تحتاج لحل معادلات تستهلك طاقةً كثيفة.

كيف تؤثر العملات المشفرة على البيئة؟ يُعَدُّ تعدين العملات المشفرة مسؤولاً عن معدلات عالية من استهلاك الطاقة، خاصةً لأن آلية إثبات العمل ما تزال وسيلة التحقق المهيمنة على السوق. وأفادت جامعة كامبريدج بأن عملة البيتكوين تُنتج وحدها أكثر من 40 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وتستهلك طاقة تتجاوز الـ80 تيراواط/ساعة في المتوسط كل عام. فضلاً عن أن كمية العملات الناتجة عن عملية التعدين تتعرض للتنصيف كل أربع سنوات، مما يعني أن إنتاج العملة الواحدة سيحتاج لضعف كمية الطاقة، حسب موقع Business Insider.

وليست عملة البيتكوين سوى شكل واحد من أشكال العملات المشفرة. بينما كشف بحث أجراه مكتب سياسات العلوم والتكنولوجيا في البيت الأبيض أن العملات المشفرة إجمالاً تستهلك ما يتراوح بين 120 و240 مليار كيلوواط/ساعة سنوياً، أي أكثر من استهلاك الأرجنتين وأستراليا. كما تشكل العملات المشفرة ما يتراوح بين 0.4% و0.9% من استهلاك الطاقة العالمي، ونحو 0.3% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.

ويؤدي تعدين العملات المشفرة إلى إنتاج كميات كبيرة من المخلفات الإلكترونية أيضاً. وتُنتج عملة البيتكوين وحدها 40 كيلوطناً من المخلفات الإلكترونية في المتوسط كل عام. ويرجع السبب بنسبةٍ كبيرة إلى سرعة ظهور الأجهزة المتطورة الجديدة في تقنيات التعدين، مما يؤدي إلى هجر الأجهزة القديمة. وأظهر أحد الأبحاث أن تقنيات التعدين الجديدة لا تعيش لأكثر من 1.29 سنة في المتوسط، وفقاً لشبكة BBC البريطانية. فضلاً عن أن أجهزة التعدين المعدلة تكون متخصصةً للغاية، ومن المستحيل إعادة توظيفها بعد أن ينتفي الغرض منها.

ويجادل العديد من أنصار التشفير بأن هذه التقنية تستخدم الطاقةً المتجددة للعمل، لكن الأرقام متضاربةٌ في هذا الصدد. إذ وجد أحد المصادر أن معدل استهلاك البيتكوين للطاقة المتجددة انخفض في الواقع خلال عام 2021، وفقاً لمجلة Time الأمريكية. وتوجد العديد من الأدلة التي تُظهِر أضرار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والنفايات، بما في ذلك ارتفاع منسوب البحر والأضرار على الحياة البرية. كما يعيش العالم في خضم أزمة طاقة بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا، مما يطرح مزيداً من التساؤلات حول استهلاك العملات المشفرة للطاقة.

هل تستطيع الأصول المشفرة أن تصبح أقل ضرراً بالبيئة؟ اعترفت العديد من شركات التشفير بالأثر البيئي لعملياتها، وبذلت جهودها الخاصة لتحسين النظام.

حيث أعلنت الإيثريوم، ثاني أكبر عملة مشفرة في العالم، عن خططها للابتعاد عن التحقق بإثبات العمل والانتقال إلى التحقق بإثبات الحصة. وقللت تلك الخطوة البصمة البيئية للشبكة بدرجةٍ كبيرة. كما اجتمعت عدة مجموعات تشفير مستقلة من أجل وضع اتفاقية المناخ المشفرة، التي تستهدف جعل الصناعة محايدة الكربون بحلول 2030، قبل التوقف عن استخدام الكربون تماماً بحلول 2040.

وتتعامل إدارة بايدن مع تقليل انبعاثات التشفير كقضيةٍ ملحة داخل الولايات المتحدة. حيث صرحت الإدارة بقائمة توصيات من مكتب سياسات العلوم والتكنولوجيا، خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض. وتضمنت التوصيات تحسين كفاءة الطاقة، والاستثمار في مزيد من الأبحاث عن تقنيات تستطيع تقليل الضرر البيئي.

لكن ليست هناك مؤشرات على أن شبكة البيتكوين ستغير منظومتها. وشرح ثيومو تلك الفكرة لموقع Business Insider، حيث قال: “تعتبر هذه العملة آمنة، لأنها لم تتغير مطلقاً، وهذا ما يحبه الناس فيها”. ولا يرجع السبب إلى قلة الخيارات، إذ توجد العديد من طرق التعدين التي لا تستهلك الكثير من الطاقة. كما تستطيع صناعة التعدين الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة. وقد اتجهت العديد من العملات الأصغر إلى استخدام التحقق بإثبات الحصة فعلاً، بينما وقعت أكثر من 200 عملة على اتفاقية المناخ المشفرة.

واختتم ثيومو حديثه، قائلاً: “سيعرف الناس جميع الخيارات المتاحة كلما تعلموا مزيداً عن الأصول المشفرة. ويمكنهم بسهولةٍ أن يقرروا عدم استخدام إحدى العملات عندها، من أجل استخدام عملةٍ صديقة للبيئة أكثر”.

يمكنك مشاركة العمل على