“ما علاقتك بالمال؟”.. أعتقد أن هذا السؤال يُعَدُّ أكثر خصوصيةً بالنسبة للعديدين من سؤال مثل: “هل أنت سعيدٌ في زواجك؟”، هذا ما تحاول هذه المقالة في مجلة Bitcoin Magazine الأمريكية الإجابة عنه.
العملات الرقمية: بين سحر الأرباح وخُطر الاحتيال
مشروع العملة الرقمية القطرية : خطوة استراتيجية نحو تعزيز كفاءة القطاع المالي
Mal.io تطلق المرحلة الثانية من برنامج Airdrop
المغرب يتجه نحو تبني "الدرهم الإلكتروني لتعزيز التحول الرقمي المالي
منصة Mal.io العربية تطلق عملتها الرقمية "Mal" وتعلن عن عملية Airdrop سخية
هبوط مفاجئ في ثقة المستهلك الأمريكي يهزّ الأسواق
"Web3: مستقبل واعد للشباب العرب وفرص لا حصر لها"
Mal.io تُرسّخ مفهوم التداول الآمن والمُجزٍ للعملات الرقمية عبر الـ "Spot"
أنا واثقٌ أن غالبية القراء لم يفكروا جيداً في علاقتهم بالمال من قبل؛ إذ إن من نشأوا على عقلية الندرة لن يكتفوا من المال أبداً، ويتعلم المرء هذا الأمر من والديه وعائلته في سنٍ صغيرة، كما تُعزّز النقود الورقية من هذه العقلية، وإذا كنت تخسر 7.7% من قوتك الشرائية سنوياً فمن المرجّح أنك ستحتضن عقلية الندرة.
أما من نشأوا على عقلية الوفرة أو طوَّروها في داخلهم فستجدهم مبرمجين بطريقةٍ مختلفة، وفي جميع الأحوال يجب أن تعلم أن عقليتك المرتبطة بالمال تظل اختياراً في النهاية، ويمكنك أن تُعدل البرمجة أو تعيد كتابتها كلياً، ويُعَدُّ هذا سهلاً بالنسبة للبعض، لكنه شبه مستحيل للآخرين. وهناك أشخاص يمتلكون الكثير من المال، لكنهم ليسوا سعداء رغم ذلك.
في عالمنا المعاصر يوجد الكثير من المؤمنين بأن المال ضروريٌ للحياة، ويبالغ بعضهم ليصل به الأمر إلى درجة عبادة المال، فيلهث وراء كسبه ويُقدّس من يجني الكثير منه. وإذا كنت ممن يملكون أو يجنون الكثير من المال فاحمد الله على نعمته، ولا شك أن أي إنسان ليست لديه الكثير من الاحتياجات سيعيش في حريةٍ ووفرة أكثر من البقية.
ولدى كل منا علاقته الخاصة -والخفية أو غير المستكشفة- بالمال؛ إذ يرى فيه البعض السبب الرئيسي لوجودهم في هذا العالم، بينما يعتبره البعض الآخر وسيلةً لتحقيق الغايات، وعندما نشهد أحداثاً مثل تجميد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو لحسابات سائقي الشاحنات المصرفية، أو سرقة بايدن لأموال الاحتياطيات الروسية؛ فمن المؤكد أننا سنبدأ في إدراك بعض الوقائع المرعبة عن طبيعة المال. وإذا لم تكن لديك حيازة مادية للأصل النقدي فلن يكون في حيازتك سوى “سند إقرار بالدين”، لكن ذلك السند سيتحول إلى وثيقةٍ ضعيفة للغاية، في حال رأت السلطات أن كلماتك أو أفعالك لا تتوافق مع رؤيتها للعالم، ويصدر سند الإقرار بالدين عادةً عن مصرفٍ أو اتحادٍ ائتماني أودعت فيه “أموالك”، لكن المشكلة تكمن في أنها لم تعد “أموالك” بمجرد إيداعها في المصرف.
ويحب عشاق البيتكوين المقولة القائلة: “ليست العملات ملكاً لك إذا لم تكن مفاتيحها الخاصة في جيبك”. بينما يفوت على الكثيرين من غيرهم أن الأموال الموجودة في الحساب المصرفي ليست في حيازتهم فعلياً. ويقول زولتان بوزار، الرئيس العالمي لاستراتيجية أسعار الفائدة قصيرة الأجل في مصرف Credit Suisse، إننا دخلنا العصر الجديد لاتفاقية بريتون وودز الثالثة. ويتمحور هذا العصر الجديد حول النقود الداخلية، والنقود الخارجية، والمزاعم بأن السلع هي التي ستحدد شكل الشؤون النقدية العالمية، والنقود الداخلية هي الأموال التي يتدخل فيها وسيط، مثل المصرف، وكل أموالك الموجودة في حيازة المصرف هي مجرد سندات إقرار بالدين، أما النقود الخارجية فهي جميع الأموال الموجودة خارج النظام المصرفي، أي التي لا يمكن انتزاعها منك بحرمانك من الوصول إلى حسابك المصرفي أو بتضخيمها لتذهب قيمتها أدراج الرياح.
ويُعتبر المال الذي تكسبه مقابل العمل الذي تؤديه بمثابة “إثبات العمل”، وإذا كنت تكسب أموالاً تفوق احتياجات حياتك اليومية فأنت من سعداء الحظ، وفي عصر النقود الورقية كان هذا الأمر يعني أنك قايضت وقتك الثمين، وعملك، وطاقة حياتك مقابل الأوراق الخضراء والعملات المعدنية. أما اليوم فأنت تقايض وقتك الثمين وعملك وطاقة حياتك في مقابل بكسلات على شاشة الكمبيوتر. وعند النظر للأمور من هذه الزاوية يبدأ المرء في إدراك أن المال هو مجرد رمز، وعليك أن تتوقع مختلف أشكال الأذى من الحكومات والمصارف، إذا كان كل ما تملكه هو سند إقرار بالدين، ويشمل الأذى عمليات الكفالة المالية للشركات، أو الإنقاذ بالمشاركة الداخلية، أو السرقة المباشرة، ولا شك أنه أمرٌ مقلق للغاية؛ إذ إن اعتمادنا على العملات الصادرة عن الدولة يعني إمكانية مصادرة ثرواتنا بضغطة زر، أو سحبة قلم.
ويمكننا تقسيم السؤال الذي بدأنا به المقال إلى سؤالين شخصيين مهمين للغاية:
ما علاقتك بالدولار الأمريكي؟
نشأت في عائلةٍ ميسورة، وعشت في منزلٍ تحتوي مائدته على الطعام الدائم، مع سقفٍ فوق رؤوسنا، ورفاهية عدم الاضطرار للقلق بشأن المال، وكانت نشأة طبقة متوسطة كلاسيكية خلال فترة الثانوية، حيث التحقت بمدرسةٍ عامة، ثم انتقلت إلى جامعةٍ خاصة كنت أدفع نصف رسومها التعليمية، وعملت خبيراً محترفاً بمجرد تخرجي.
وكنت محظوظاً لأنني نشأت وأنا لا أفكر في أمر المال كثيراً، إذ كان في أسفل قائمة أولوياتي، ولا يزال كذلك حتى يومنا هذا، ونادراً ما كنت أقلق بشأن امتلاك ما يكفي منه، بل كنت أتعامل معه كإحدى المسلّمات، وصحيحٌ أنني عشت في أول أيام مسيرتي المهنية على راتبي، الذي كان يكفي بالكاد لنهاية الشهر، لكن كان لدي بعض المدخرات- وإن كانت متواضعة- وأبوان يمثلان دعامةً مالية، أي كانت عائلتي تمثل مقرض الملاذ الأخير كما يقول الكتاب.
ولا شك أن هذه النشأة كانت نعمةً ونقمةً في آنٍ واحد، لماذا كانت نقمة؟ لأنني لم أفكر في أمر المال كثيراً، ولم أتعلم شيئاً عن المال، أو نظامنا المصرفي، أو نظامنا المالي مطلقاً، باستثناء القيم الخفية التي تعلمتها من قدوتي الأبوية، ويتمتع من يعيشون داخل الولايات المتحدة بنعمةٍ إضافية تتمثل في وجود العملة الاحتياطية للعالم داخل جيوبنا، ومن المؤكد أنها نعمة يتعامل معها غالبية الأمريكيين كإحدى المسلّمات.
ولا يزال الدولار الأمريكي أقوى عملةٍ في العالم اليوم، لكنه لم يعُد مخزناً اعتمادياً للقيمة، وحتى من يعيشون في أكبر قدرٍ من النعيم بدأوا يلاحظون ذلك، خاصةً بعد أن شاهدوا الاحتياطي الفيدرالي وحكومتنا يطبعون كميات ضخمة من الأموال للتداول.
وكبر جميع الأمريكيين الذين يعيشون اليوم بينما كان الدولار الأمريكي هو العملة الاحتياطية للعالم، ولم يعنِ الأمر شيئاً بالنسبة للغالبية منهم. ومن المرجح أن غالبيتنا يتذكر أول مرةٍ حصل فيها على ورقةٍ من فئة الـ5 دولارات، أو أية فئةٍ أخرى، وكيف شعر بالحماس وقال لنفسه: “رائع، أصبحت غنياً!”.
فهل تراودك مشاعر الفخر الحقيقية بالولايات المتحدة والمُثُل التي تأسست عليها، وهل يؤثر ذلك على نظرتك للدولار، وهل تشعر بالخجل من الحروب التي خضناها منذ حرب فيتنام؟ ربما تبدو هذه الأمور بعيدةً عن الموضوع، لكن تلك المشاعر تؤثر بدرجةٍ كبيرة على علاقتك بعملة البلاد.
هل أنت مديرٌ مالي في صندوق تحوُّط، هل أنت من جيل الألفية، أم أنك من جيل طفرة المواليد، هل أنت مستثمر مخاطر؟ كل هذه الأشياء لها دورها في تشكيل علاقتك بأكثر العملات النقدية المرغوبة في العالم. وهل ترى في حسابك المصرفي أو وصولك لرأس المال مصدراً للأمان، أم مصدراً للقوة؟ وهل تعتبر امتلاك حسابٍ مصرفي من النعم؟ جميعها أمورٌ رمزية؛ إذ إن غالبية سكان العالم لا يمتلكون حسابات مصرفية، ويُعلمنا عام 2022 أن تلك الأمور الرمزية بدأت تفقد بريقها لأنها خادعةٌ بشدة.
لكن الفتى الجديد في المنطقة دخل إلى عالمنا بهدوء، في الثالث من يناير/كانون الثاني عام 2009.
ما علاقتك بالبيتكوين؟
ترفض نسبة كبيرة من مواطني العالم الغربي هذه العملة، إذ إنه من الصعب الثقة في شيء لا نفهمه، كما هو حال جميع التقنيات الجديدة، ويستمر هذا الحال حتى تنفد الخيارات المتاحة، ونصبح مضطرين لاستخدام تلك التقنيات، ولم يكن سائقو الشاحنات مهتمين بعملة البيتكوين مثلاً حتى أصبحوا مضطرين لاستخدامها، وأنا مؤمنٌ بأننا دخلنا عصراً لا تترك تجاوزات النظام فيه خياراً أمامنا سوى أن نتعلم المزيد عن البيتكوين.
يمكنك مشاركة العمل على