يبدو أن مستخدمي منصة Polymarket للأسواق التنبؤية القائمة على التشفير قرروا افتراض حسن الظن في مالك تويتر الجديد إيلون ماسك، إذ كشف رهانٌ انتهى في تاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول، أن 36% فقط من المراهنين كانوا يعتقدون أن “منصة تويتر ستسجل أي انقطاع في الخدمات” بحلول تاريخ نهاية الرهان.
وليست الأسواق التنبؤية معصومةً من الخطأ بالطبع، لكنها توفر نقاط بيانات مثيرة للاهتمام بالنسبة للأشخاص الراغبين في أن يصبحوا من الأطراف المطلعة على مشاعر السوق، حيث تحفز الأسواق التنبؤية المستخدمين حتى يراهنوا على أكثر النتائج أرجحيةً فقط، عن طريق المخاطرة بأموالٍ من المحتمل أن يخسروها، ما يقلل أهمية تفضيلاتهم وتحيزاتهم الشخصية.
العملات الرقمية: بين سحر الأرباح وخُطر الاحتيال
مشروع العملة الرقمية القطرية : خطوة استراتيجية نحو تعزيز كفاءة القطاع المالي
Mal.io تطلق المرحلة الثانية من برنامج Airdrop
المغرب يتجه نحو تبني "الدرهم الإلكتروني لتعزيز التحول الرقمي المالي
منصة Mal.io العربية تطلق عملتها الرقمية "Mal" وتعلن عن عملية Airdrop سخية
هبوط مفاجئ في ثقة المستهلك الأمريكي يهزّ الأسواق
"Web3: مستقبل واعد للشباب العرب وفرص لا حصر لها"
Mal.io تُرسّخ مفهوم التداول الآمن والمُجزٍ للعملات الرقمية عبر الـ "Spot"
ويعتبر هذا الاستطلاع مثيراً للاهتمام نظراً للظروف العصيبة التي تواجهها منصة تويتر الخاصة بماسك.
إذ كشف تقريرٌ حديث أن المنصة فقدت نصف موظفيها، بينما علق عددٌ من المعلنين إعلاناتهم أو قللوها، فيما يهجر المستخدمون المنصة. ويقول البعض إن نهاية عصر التطبيق الأزرق باتت وشيكة، بحسب موقع Coin Desk الأمريكي.
ولا شك أنها أنباء سارّة لتجارب شبكات التواصل الاجتماعي اللامركزية، التي عانت تاريخياً من أجل مضاهاة نمو الشركات الموجودة داخل وادي السيليكون. وبدأت عدة تطبيقات مثل منصة ماستودون Mastodon غير القائمة على البلوكتشين، وبعض البدائل القائمة على التشفير تشهد قفزةً في أعداد المستخدمين. ولا نعلم ما سيحدث لتويتر بعد، لكن الحصول على مساحة شبكات اجتماعية أكثر تنوعاً سيكون أمراً مفيداً للمستخدمين في النهاية.
ويبدو أن ماستودون، شبكة التدوينات المصغرة مفتوحة المصدر، ستكون المستفيد الأول من وضع تويتر الراهن، حيث تأسست المنصة عام 2017 على يد يوجين روشكو، الذي يبلغ من العمر 29 عاماً اليوم، وجرى تطوير المنصة بواسطة جمعية غير ربحية، يقع مقرها في ألمانيا، كما شهدت انضمام أكثر من نصف مليون مستخدم في الأسابيع الأخيرة.
ويقول العديد من أولئك المستخدمين إن منصة ماستودون تبدو أشبه بنسخةٍ أكثر ودية من تويتر، لكنها أبسط في خصائصها، وتُعتبر ماستودون شبكةً “موحدة”، أي أن مهمة استضافة خوادمها مقسمة بين مجموعة متنوعة من المستخدمين، بدلاً من كيان شركة واحدة، ويختار مستخدمو ماستودون الخادم الذي يرغبون في الانضمام إليه، ويثقون في أن أي شخصٍ يُشغِّل هذه الحواسيب لن يتلاعب ببياناتهم (ما يشبه ثقة مستخدمي فيسبوك وتويتر في تلك الشركات إلى حدٍّ ما).
لكن ميزة الطريقة التي تستخدمها ماستودون تكمن في توزيع تكلفة تشغيل البرنامج، مع تقليل حوافز التربح من (أو استغلال) بيانات المستخدمين، كما يستطيع الناس الانضمام إلى مختلف الخوادم التي تفرض درجات مختلفة من الإشراف على المحتوى، سواء أكنت تفضل حرية التعبير المفتوحة للجميع أو تريد صفحة أخبار مختارة بعناية أكبر، ويمكن أن يتعرض المستخدم للحظر بواسطة مشغل أحد الخوادم، لكنه يستطيع نظرياً أن ينقل “مخططه الاجتماعي” إلى أي مجموعة أخرى داخل اتحاد الخوادم.
وفي الوقت ذاته، ذكر العديد من مستخدمي ماستودون الجدد، أن نظام الخوادم اللامركزية أشعرهم بارتباك لا داعي له، كما كان أبطأ من تويتر وأكثر أعطالاً، ولا تعمل جميع الخوادم بأحدث نسخة من ماستودون. ويبدو أن العديد من المستخدمين يفتقدون أدوات ومزايا بعينها، مثل الحسابات الموثقة، والقدرة على إعادة نشر تغريدات المستخدمين الآخرين.
وقال فلاد سافوف في مراجعةٍ للمنصة مؤخراً على موقع وكالة Bloomberg الأمريكية: “يفضل العالم استخدام ويندوز وماك أو إس أكثر من أنظمة تشغيل لينكس، التي تعتبر أكثر مرونة وقابلية للتخصيص، حيث نختار الراحة، حتى وإن جاءت على حساب القدرات، نريد أن يفعل الناس الأشياء من أجلنا، والأهم من ذلك هو أننا نعتبر العديد من الخصائص أساسيةً، بسبب وجود خدمات مجانية مثل تويتر”.
وليس سافوف مخطئاً، لكنه ليس محقاً أيضاً، إذ إن العديد من عيوب ماستودون المفترضة يمكن اعتبارها من المزايا الأساسية للمنصة في الواقع، ومع ذلك تساعد هذه الرؤية في تفسير السبب وراء عدم زيادة استخدام منصات الشبكات الاجتماعية القائمة على التشفير بالدرجة نفسها، رغم بحث العديد من المستخدمين عن بدائل، ولن تجد شخصاً يتحدث عن منصة مثل بيتكلاوت Bitclout على سبيل المثال.
ويعتبر بروتوكول لينس Lens Protocol بمثابة شبكة اجتماعية يحتضنها مشروع عملة التمويل اللامركزي الرائدة آيفي (AAVE)، ويشهد البروتوكول زيادةً في عدد المستخدمين، حسب المفترض. حيث كتب نادر ظابط، مدير تطوير العلاقات في آيفي، تغريدةً تقول إن البروتوكول شهد مليون معاملة في الأسبوع الماضي، ولا شك أنه رقم ضخم بالنسبة لشبكة اجتماعية تستخدم الرموز غير القابلة للاستبدال، من أجل إنشاء الملفات الشخصية للمستخدمين ومنشوراتهم.
وضمَّت قائمة المستخدمين الجدد للينس الشريك المؤسس في شبكة الإيثريوم Ethereum فيتاليك بوتيرين، الذي كتب تغريدةً يقول فيها إنه يستكشف الخيارات البديلة “بحماس”، وتشمل تلك الخيارات منصة فاركاستر Farcaster، التي تروج لنفسها باعتبارها “شبكةً اجتماعية لامركزية بدرجةٍ كافية”، وشارك في تأسيسها موظف كوين بيس Coinbase السابق دان روميرو. وأشار روميرو خلال مقابلةٍ أجراها مؤخراً إلى أن فاركاستر تخزن أقل قدرٍ ممكن من المعلومات على السلسلة، كما بذلت جهوداً كبيرة في سبيل “جذب المستخدمين الأوائل المرموقين”.
ويمكن القول في النهاية إن جودة منصة التواصل الاجتماعي تقاس بقاعدة مستخدميها، وتميل تلك المنصات إلى الاحتكار عادةً، لأن المستخدمين يريدون التواجد في المكان نفسه من بقية الناس. بينما تُعَدُّ منصة مايندس Minds بديلاً لفيسبوك على شبكة الإيثريوم، وتحفز الناس على استخدامها بمكافآت التوكنات، كما تتمتع بأسبقية متعددة السنوات على العديد من بدائل الشبكات الاجتماعية الأحدث.
وتجسد منصة مايندس ميل الناس إلى التعامل مع المنصات البديلة كمساحات آمنة في حال الفشل، أو مكان يعيدون نشر أفكارهم من خلاله، في حال أُصيبت قنواتهم الرئيسية بأي عطل. وتشير الورقة البيضاء لمايندس إلى أن برنامج المصادر المفتوحة المشفر مقاوم “للمراقبة، والتلاعب بالخوارزميات، والرقابة”. ولا شك أن هذه اللغة ستجذب قاعدةً بعينها من المستخدمين.
وليس هذا أمراً سيئاً في حد ذاته، لأن منصة مايندس حصلت على نحو 360 ألف زائر فريد من الولايات المتحدة، في شهر سبتمبر/أيلول. ولا نقصد هنا أن ابتكارات الجيل الثالث للويب يجب أن تكون بمعزلٍ عن الويب كما نعرفه اليوم، حيث تستكشف فيسبوك وإنستغرام مجال الرموز غير القابلة للاستبدال مثلاً، بينما حققت “المقتنيات الرقمية” الخاصة بريديت نجاحاً مفاجئاً للجميع.
ويبدو موقف ماسك من التشفير متقلباً، لكنه يؤمن في قرارة نفسه بضرورة السعي من أجل الحفاظ على قيم الصناعة الأساسية، ومنها ثبات البيانات وقابليتها للنقل، بالإضافة إلى الخوارزميات المفتوحة القابلة للتحقق، ويمكن القول إن تواجد المنافسين العمليين الذين يفعلون ذلك ربما يدفع ماسك لتطبيق تلك التغييرات في وقتٍ أقرب. (رغم أنه علّق العمل على محفظة تويتر للعملات المشفرة بالفعل، بينما استقالت رئيسة قسم التشفير في تويتر تيس رينارسون مؤخراً).
ويبدو من المستبعد أن تنمو الشبكات الاجتماعية المشفرة لتصبح في حجم منافساتها من الشركات الكبرى قريباً، حيث لا تزال تجربة الاستخدام مليئةً بالأخطاء البرمجية، ولا تزال خدماتها بطيئة، لكنها تمنحنا في المقابل حالةً من الطمأنينة حيال قدرة فرد متحمسٍ واحد أن يأتي لقلب الأوضاع رأساً على عقب.
يمكنك مشاركة العمل على